
البيانات الصحفية
يونيو 16, 2025اقتحام قوات الاحتلال لسفينة "مادرين" الإغاثية في المياه الدولية يُعد جريمة قرصنة بحرية وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، ويكشف عن نية ممنهجة لإسكات أي صوت يحاول كسر حصار غزة. الصمت الدولي على هذا الاعتداء يُقوّض ثقة العالم بالقانون ويشجع على التمادي.
القرصنة المقنّعة: الاحتلال يعترض سفينة إنسانية في عرض البحر
ما جرى في مشهد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لسفينة كسر الحصار “مادرين” واعتقال طاقمها -يوم الإثنين ص حزيران/ مايو 2025 هو جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي تمارسها دولة الاحتلال في حق كل من يحاول مد يد العون لقطاع غزة المحاصر. هذه السفينة، التي كانت تحمل ناشطين مدنيين من مختلف الجنسيات ومواد إغاثية إنسانية، لم تكن تهدد أمن إسرائيل كما تزعم، بل كانت تهدد سردية الاحتلال التي تحاول أن تبرر الحصار كأمر طبيعي أو دفاعي، في حين أن الحقيقة أنه حصار غير قانوني وغير إنساني يرقى إلى مستوى العقوبة الجماعية المحرّمة دوليًا.
قانونيًا، اعتراض سفينة مدنية في المياه الدولية، واقتحامها بالقوة واعتقال ركابها، يُعتبر انتهاكًا صارخًا لقانون البحار الدولي لعام 1982، الذي يضمن حرية الملاحة، ويمنع أي دولة من السيطرة على سفن غير مسلحة في أعالي البحار، إلا في حالات استثنائية مثل القرصنة أو تهريب المخدرات أو العبودية، وهي لا تنطبق بأي حال على سفينة كسر الحصار. بل إن ما قامت به إسرائيل هو نفسه الذي يُصنَّف عادة في القانون الدولي كـ”قرصنة بحرية”، لكنها قرصنة ترتكبها دولة، وتغلفها بخطاب أمني زائف.
أما من ناحية القانون الدولي الإنساني، فإن استمرار الحصار على غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، واعتقال المتضامنين السلميين، كل ذلك يُعد انتهاكًا مباشرًا للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر العقوبات الجماعية، وتعتبر الحصار الاقتصادي والتجويع الممنهج جريمة حرب في حال استُخدم كسلاح ضد المدنيين.
إننا في "مبادرة لاهاي للقانون والعدالة" نعتبر أن هذا الاعتداء لا يمس فقط بالقوانين والمعاهدات الدولية، بل يُشكّل انتهاكًا مباشرًا لقيم العدالة الإنسانية وأخلاقيات العمل الدولي، ويعكس نية واضحة لدى سلطات الاحتلال لإسكات الأصوات الحرة التي تحاول كسر الصمت العالمي وفضح المأساة اليومية التي يعيشها سكان غزة. المشهد الذي شاهدناه ليس مجرد إجراء أمني، بل هو رسالة تخويف موجهة لكل من يجرؤ على كسر الحصار أو حتى الحديث عنه. الاحتلال لا يريد فقط محاصرة غزة، بل يسعى أيضًا إلى خنق الضمير العالمي ومنع أي مبادرة إنسانية من الوصول أو التأثير.
ومن المؤسف أن هذا الاعتداء، الذي يعيد إلى الأذهان ما جرى مع سفينة "مرمرة"، لم يلق حتى الآن الرد الحازم الذي يُفترض أن يصدر عن الجهات الدولية المعنية. الصمت المستمر والتغاضي المتكرر عن مثل هذه الأفعال يشجع الاحتلال على التمادي أكثر، ويقوّض الثقة في القانون الدولي ومؤسساته.
وفي ضوء ذلك، فإننا نؤكد مجددًا أن اعتقال طاقم سفينة "مادرين" هو اعتداء على القانون، وعلى كرامة الإنسان، وعلى كل صوت حرّ يحاول كسر طوق الإذلال المفروض على أكثر من مليوني إنسان في غزة، وأن مثل هذه الممارسات تستوجب مواجهة قانونية وسياسية جادة، تتجاوز الإدانة الكلامية إلى مواقف وإجراءات فعلية.